السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هلا بأعضاء المنتدى الغاليين
حبيت أحكي لكم قصة صحابي جليل ألا وهو صهيب الرومي
فهيا بنا الى الحديث عن قصة الصحابي صهيب الرومي
صهيب الرومي…
ومن منا لايعرف صهيبا الرومي ؟؟؟ ولا يلم بطرف من أخباره ونتف من سيرته؟؟؟
ولكن الذي لم يكن يعرفه الكثير منا هو أن صهيب لم يكن روميا وإنما كان عربيا خالصا نميري الأب(أي ان أباه من بني نمير بطن تميم)وتميمي الأم(أي ان امه من بني تميم)
ولانتساب صهيب الى الروم قصة ماتزال تعيها ذاكرة التاريخ وترويها أسفاره.
فقبل البعثة بحوالي عقدين من الزمان كان يتولى الأبلة(مدينة قديمة دخلت في البصرة وأصبحت جزء منها) سنان بن مالك النميري من قبل كسرى ملك الفرس.
وكان أحب أولاده إليه طفل لم يجاوز الخامسة من عمره دعاه صهيبا.
كان صهيب أزهر الوجه ، أحمر الشعر ، متدفق النشاط ذا عينين تتقدان فطنة ونجابة.
وكان الى ذلك ممرحا، عذب الروح، يدخل السرور على قلب أبيه وينتزع منه هموم الملك إنتزاعا.
مضت أم صهيب مع إبنها الصغير وطائفة من حشمها وخدمها إلى قرية (الثني) من أرض العراق طلبا للراحة والاستجمام، فأغارت على القرية سرية من سرايا جيش الروم، فقتلت حراسها ونهبت أموالها وأسرت ذراريرها.
فكان في جملة من أسرتهم صهيب.
بيع صهيب في أسواق الرقيق ببلاد الروم ، وجعلت تتداوله الأيدي فينقل من خدمة سيد إلى خدمة اخر ، شأنه في ذلك كشأن الالاف المؤلفة من الأرقاء الذين كانوا يملأون قصور بلاد الروم.
وقد أتاح ذلك لصهيب أن ينفذ الى أعماق المجتمع الرومي وأن يقف عليه من داخله فرأى بعينيه ما يعشش في قصوره من الرذائل والفواحش وسمع بأذنيه مايرتكب فيها من المظالم والماثم. فكره ذلك المجتمع كله وازدراه.
وكأن يقول في نفسه:
إن مجتمعا كهذا لا يطهره إلا الطوفان.
وعلى الرغم من أن صهيب قد نشأ في بلاد الروم وشب على أرضها ومن بين أهليها.
وعلى الرغم من أنه نسي العربية أو كاد ينساها فإنه لم يغب عن باله قط أنه عربي من أبناء الصحراء…
ولم تفتر أشواقه لحظه الى اليوم الذي يتحرر فيه من عبوديته ويلحق ببني قومه.
وقد زاده حنينا إلى بلاد العرب فوق حنينه أنه سمع كاهنا من كهنة النصارى يقول لسيد من أسياده:
لقد أطل زمان يخرج فيه من مكة في جزيرة العرب نبي يصدق رسالة عيسى بن مريم ويخرج الناس من الظلمات الى النور.
ثم أتيحت الفرصة لصهيب فولى هاربا من رق أسياده، ويمم وجهه شطر مكة أم القرى وموئل العرب، ومبعث النبي المرتقب.
ولما نزل في مكة واستقر أطلق الناس عليه اسم صهيب الرومي للكنة لسانه وحمرة شعره.
وقد حالف صهيب سيد من سادات مكة هو عبدالله بن الجدعان وطفق يعمل في التجارة، فدرت عليه الخير الوفير والمال الكثير.
غير أن صهيبا لم تنسه تجارته ومكاسبه حديث الكاهن النصراني فكان كلما مر كلامه بخاطره يسائل نفسه في لهفة:
متى يكون ذلك؟
وما هو إلا قليل حتى جاءه الجواب.
ففي ذات يوم عاد صهيب إلى مكة من إحدى رحلاته، فقيل له إن محمد بن عبدالله قد بعث وقام يدعو الناس إلى الإيمان بالله وحده، ويحضهم على العدل والإحسان، وينهاهم عن الفحشاء والمنكر.
فقال:أليس هذا هو الذي يلقبونه بالأمين؟
فقيل له:بلى
فقال:وأين مكانه؟
فقيل له:في دار الأرقم بن أبي الأرقم عند الصفا...
ولكن حذار من أن يراك أحد من قريش ، فإن رأوك فعلوا بك ... وفعلوا، فأنت رجل غريب لا عصبية لك تحميك ، ولا عشيرة عندك تنصرك.
مضى صهيب إلى دار الأرقم حذرا يتلفت فلما بلغها وجد عند الباب عمار بن ياسر، وكان يعرفه من قبل فتردد لحظة ثم دنا منه وقال: ما تريد يا عمار؟
فقال عمار: بل ما تريد أنت؟
فقال صهيب:أردت أن أدخل على هذا الرجل فأسمع منه مايقول.
فقال عمار:وأنا أريد ذلك أيضا.
فقال صهيب:إذا ندخل معا على بركة الله.
دخل صهيب بن سنان الرومي وعمار بن ياسر على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمعا إلى ما يقول، فأشرق نور الإيمان في صدريهما، وتسابقا في مد أيديهما إليه، وشهدا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأمضيا سحابة يوميهما(طول يوميهما)عنده ينهلان من هديه وينعمان بصحبته.
ولما أقبل الليل وهدأت الحركة خرجا من عنده تحت جنح الظلام، وقد حمل كل منهما في صدره ما يكفي لإضاءة الدنيا بأسرها.
تحمل صهيب نصيبه من أذى قريش مع بلال وعمار وسمية وخباب وغيرهم من عشرات المؤمنين وقاسى من نكال قريش ما لو نزل جل لهده، فتلقى ذلك كله بنفس مطمئنة صابرة، لأنه كان يعلم أن طريق الجنة محفوف بالمكاره.
ولما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة عزم صهيب إلى أن يمضي في صحبة الرسول وأبي بكر لكن قريشا شعرت بعزمه على الهجرة فصدته عن غايته وأقامت عليه الرقباء حتى لايفلت أيديهم‘ ويحمل معه ما درته عليه التجارة من فضة وذهب.
ظل صهيب بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة يتحين الفرص لحاق بهما فلم يفلح إذ كانت أعين الرقباء ساهرة عليه متيقظة له فلم يجد سبيلا غير اللجوء الى الحيلة.
ففي ذات ليلة باردة أكثر صهيب من الخروج إلى الخلاء كأنه يقضي الحاجة، فكان لا يرجع من قضاء حاجته حتى يعود إليها.
فقال بعض رقبائه لبعض:
طيبوا نفسا فإن اللات والعزى شغلاه ببطنه...
ثم أووا إلى مضاجعهم وأسلموا عيونهم إلى الكرى(النوم).
فتسلل صهيب من بينهم، ويمم وجهه شطر المدينة.
لم يمض غير القليل على رحيل صهيب حتى فطن له رقباؤه فهبوا من نومهم مذعورين ، وامتطوا خيولهم السوابق، وأطلقوا أعنتها خلفه حتى أدركوه.
ولما أحس بهم، وقف على مكان عال وأخرج سهامه من كنانته ووتر قوسه نحوهم وقال:
يامعشر قريش، لقد علمتم والله أني من أرمى الناس وأحكمهم إصابة.
ووالله لا تصلون إلي حتى أقتل بكل سهم معي رجلا منكم.
ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي شيء منه.
فقال قائل منهم:
والله لاندعك تفوز منا بنفسك وبمالك...
لقد أتيت مكة صعلوكا فقيرا فاغتنيت وبلغت ما بلغت.
فقال:
أرأيتم إن تركت لكم مالي، أتخلون سبيلي؟ قالوا: نعم.
فدلهم على موضع ماله في بيته في مكة، فمضوا إليه وأخذوه منه ثم أطلقوا سراحه.
أخذ صهيب يغذ السير نحو المدينه فارا بدينه الى الله.
غير اسف على المال الذي أنفق في جنيه زهرة العمر.
وكان كلما أدركه الونى وأصابه التعب، استفزه الشوق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعود إليه نشاطه ويواصل سيره.
فلما بلغ قباء رآه الرسول صلوات الله وسلامه عليه مقبلا ، فهش له وبش وقال:
((ربح البيع يا أبا يحيى ربح البيع)) وكررها ثلاثا.
فعلت الفرحة وجه صهيب الرومي وقال:
والله ما سبقني إليك أحد يارسول الله.
وما أخبرك به إلا جبريل.
-----------------
حقا لقد ربح البيع...
وصدق ذلك وحي السماء...
وشهد عليه جبريل... حيث نزل في صهيب قول الله جل وعز:
{ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد }
فطوبى لصهيب بن سنان الرومي وحسن مآب
-----------------
هذا ما لدي والله أعلم وصلي اللهم وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى اله وصحبه وسلم